مع كل فاجعة تحظى اللامبالاة المفرطة من قبل السلطات الحكومية المسؤولة على النصيب الأوفر من عوامل واسباب تلك الفواجع الدامية التي يكون ثمنها الآلاف من الارواح البشرية والخسائر المادية الكبيرة في الممتلكات العامة والخاصة.
في الأيام القليلة الماضية هز قلوبنا نبأ فاجعة مؤسفة مصدرها مرفأ العاصمة اللبنانية "بيروت" وذلك بعد ان ضربها انفجارا مرعباً اجتاح مساحة كبيرة من المدينة مخلفا وراءه خسائر بشرية ومادية كبيرة.
ذلك الانفجار الكارثي لم يكن نتيجة انفجار قنبلة نووية على غرار تلك الحادثة التي طالت مدينة هيروشيما اليابانية عام 1945م عندما تم استهدافها بقنبلة ذرية من قبل رائدة الاجرام العالمي "امريكا" وإنما نتيجة انفجار شحنة ضخمة تقدر بـ "2750" طنا من مادة نترات الأمونيوم، اقدمت على تخزينها السلطات اللبنانية قبل سنوات بمخزن مرفأ بيروت عقب مصادرتها من جهات مشبوهة حسب تقارير حكومية رسمية.
فمنذ وقوع الانفجار وحتى اليوم لازالت وسائل الإعلام اللبنانية والعربية والدولية تعج بالتحليلات والتقارير المتصادمة التي تتحدث عن الايادي الخفية، التي تقف خلف اشعال فتيل الانفجار وذلك نتيجة انسياق تلك الآراء والتحليلات خلف الشهية السياسية والطائفية.
لكن عين العقل تقودنا اليوم الى تحميل الجزء الأكبر من المسؤولية الى السلطات اللبنانية، باعتبار تلك السلطات قد تورطت في خطأ جسيم كجسامة تلك الانفجار، كونها من تسببت في ابقاء تلك الشحنة الخطيرة لسنوات في ميناء حيوي هام يعتبر من احد اهم موانئ الدولة،وكذا اطلال المرفأ على عاصمة دوله مكتظة بالسكان.
التكهنات الغير المنطقية تتحدث ايضاً بأن اليد المتورطة في اشعال نترات هذا الانفجار هو طرف لبناني، وذلك بهدف التشويش على مجريات التحقيق في قضية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري عام 2005 "م وأخرى تذهب في تحليلاتها إلى اتهام طرف آخر خارجي، بينما التكهنات الصائبة تقول بان من يقف وراء مسببات هذا الانفجار هي "اسرائيل" وذلك لاهداف متعددة فيما يلي نذكر اهمها :
1- سحق المصالح اللبنانية وخصوصاً في مجالي النفط والغاز بما يضمن حرمان الشعب اللبناني من هذه الثروة في وقت مبكر قبيل انخراط شركات استخراج النفط والغاز في عملية التنقيب حيث والدراسات الاخيرة للشركات النفطية التي وصلت مؤخراً لبنان في 2020م قد أفادت بأن لبنان تمتلك ثروة نفطية ضخمة تقدر بـ 900 مليون برميل من النفط و تريليون قدم مكعب من الغاز.
2- محاولة منها لمسابقة الزمن في اضعاف وتقليم اظافر حلفاء إيران في المنطقة وعلى وجه الخصوص حزب "الله اللبناني" في اسرع وقت ممكن والاهم ان يكون قبيل نهاية العام الحالي ، وذلك نتيجة إدراكها بأن العام 2021 م سيكون على الارجح موعد جلوس الولايات المتحدة الأمريكية على طاولة المفاوضات مع طهران او صعود منافس "ترامب"عن الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة "جو بايدن" الى سدة الرئاسة الذي بدورة سيقوم بتخفيف العقوبات الأمريكية على طهران وإحياء الاتفاق النووي من جديد ولهذا تعمل اسرائيل على تكثيف عمليتها العسكرية العلنيةوالخفيه ضد حلفاء طهران في المنطقة في هذا التوقيت.
3- الاطاحة بأهم مشاريع الطاقة اللبنانية الوشيكة والتي منها الساحات النفطية الواقعة على حدود اليونان وقبرص حيث تعتبر تلك الساحات النفطية من افضل الموارد النفطية في لبنان.. في حين يجب ان لاننسى مقترح الولايات المتحدة الأمريكية عام 2012م عندما طرحتهُ على لبنان والذي تضمن بان تتنازل لبنان عن 360 كيلومتراً مربعاً من مساحة الحقل النفطي رقم "9"الواقع في اطار المياه اللبنانية لإسرائيل من أصل 860 كيلومتراً وهو ما رفضته لبنان في حينه معتبرة ان تلك المنطقة ليست الا ضمن المياه الإقليمية اللبنانية.
ولهذا بات استهداف مرفأ بيروت بالنسبة لإسرائيل حلماً ذهبيًا ظل يراود نواياها الناقمة تجاه اهم ميناء حيوي في لبنان يتم من خلاله مؤخراً استقبال سفن التنقيب والاستكشاف في مجال النفط والغاز ويحتل المرتبة 73 بين 960 مرفأً حول العالم، والمرتبة التاسعة بين 61 مرفأ عربي حتى ان تكونت نترات الإهمال الجسيم في خلايا السلطات اللبنانية .