تأتي الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة لعام 2024 يوم الثلثاء المقبل في ظل أجواء مشحونة بالتوترات الإقليمية في الشرق الأوسط، مع تصاعد العدوان الصهيوني على غزة ولبنان والمخاوف الإنسانية المرتبطة بقدوم الشتاء.
وفي هذا الصدد، أعد مركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية في لندن ورقة تقدير موقف بعنوان: “الانتخابات الأميركية لعام 2024 وتأثيرها على منطقة الشرق الأوسط”، حيث أشارت إلى أن فوز أحد المرشحين المحتملين، سواء كاميلا هاريس أو دونالد ترامب، يمثل نقطة تحول قد تعيد تشكيل السياسات الخارجية الأمريكية وتعيد صياغة موازين القوى في المنطقة.
السيناريوهات المحتملة وتأثيرها على القضايا العربية والإقليمية:
في حال فوز ترامب: من المتوقع أن يعيد هذا السيناريو بلورة واقع جديد وتحديات للعرب. تشير الورقة إلى أن فوز ترامب قد يعني العودة إلى سياسات تضيق الخناق على القضايا العربية وتقدم دعمًا أعمق وأشمل للعدو الإسرائيلي. ويجلب هذا السيناريو معه سياسة غير تقليدية تعتمد على مواقف حادة تجاه إيران وتعزيز الاتفاقيات الإبراهيمية بطريقة تضغط على الدول التي لم تنضم بعد إلى هذا التكتل السياسي. من المرجح أن يزيد هذا من تعقيد مساعي الفلسطينيين لتحقيق العدالة والاستقلال، خصوصًا إذا تبنت إدارة ترامب خططًا تنحاز بوضوح إلى الرؤية الإسرائيلية.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يشهد الشرق الأوسط مزيدًا من الاستقطاب إذا ما عادت سياسة “الضغط الأقصى” على إيران، ما قد يشعل المزيد من الصراعات أو يعمق الانقسامات الطائفية، وهو ما يمثل تحديًا للأنظمة العربية التي قد تجد نفسها مجبرة على الموازنة بين الضغوط الأمريكية والتحديات الداخلية.
في حال فوز كاميلا هاريس: توضح الورقة أن فوز كاميلا هاريس سيعني استمرارية الدعم التقليدي لإسرائيل، لكن ضمن نهج أكثر توازنًا. وتقول الورقة إنه تحت إدارة هاريس، قد تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز دورها كوسيط في المنطقة، مع التركيز على قضايا حقوق الإنسان والاهتمام بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين. ومع ذلك، من المرجح أن يستمر النهج الاستراتيجي الداعم لإسرائيل، مع محاولة تقديم الدعم السياسي والعسكري بأسلوب أقل استفزازًا مما كان عليه الحال في عهد ترامب.
في هذا السياق، قد تبرز فرصة للدول العربية للاستفادة من النوافذ الديبلوماسية لطرح قضاياهم وإعادة إحياء المبادرات التي تعزز مكانتهم في المعادلة السياسية. قد تشهد المنطقة أيضًا مساعي لإعادة توجيه الاستراتيجيات بما يحقق الاستفادة القصوى من العلاقات مع الإدارة الديموقراطية.
تزامن الانتخابات مع تحركات تدشين شرق أوسط جديد: تتطرق الورقة إلى تزامن الانتخابات الأمريكية مع تحركات إسرائيلية لإعادة تشكيل الواقع الاستراتيجي في المنطقة، ما يزيد من تعقيد الوضع. وتسعى إسرائيل إلى توسيع دائرة نفوذها، سواء من خلال التحالفات الجديدة أو عبر السياسات العسكرية والديبلوماسية.
تشير الورقة إلى أنه في حال فوز ترامب، ستجد إسرائيل دعمًا واضحًا لمتابعة هذه الأجندة دون قيود تُذكر، ما قد يؤدي إلى تغييرات دراماتيكية في خريطة التحالفات والصراعات. أما في حالة فوز هاريس، فقد تبدي الإدارة دعمًا لإسرائيل، لكن مع محاولة ضبط هذا النفوذ بآليات سياسية أكثر حذرًا. ومع ذلك، ستبقى هناك مخاوف من تحول الدعم الأمريكي إلى دعم يهدف إلى الحفاظ على التفوق الإسرائيلي في المنطقة، ما قد يحد من أي محاولات عربية لتحدي الوضع القائم.
الخلاصة: تؤكد الورقة أن نتائج الانتخابات الأمريكية لعام 2024 ستكون حاسمة في تحديد مسار السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط. يحتاج العرب إلى صياغة استراتيجيات مرنة للتعامل مع أي نتيجة، سواء كانت عودة ترامب بسياساته الصارمة أو استمرار النهج الديمقراطي الذي يوازن بين دعم العدو الإسرائيلي ومحاولات إظهار التوازن.