مرة أخرى تعود سلطنة عُمان للظهور مجدداً كوسيط في أكبر أزمة يشهدها العالم، بين الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب وإيران.
عُمان التي ساهمت بشكل كبير في إنجاح التهدئة بين واشنطن وطهران في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، من خلال الوصول إلى الاتفاق النووي عام 2015، تؤدي مؤخراً دوراً محورياً في محاولة تهدئة التوتر بين البلدين.
ويتحدث مسؤولون إيرانيون أن مسقط نقلت رسالة من الرئيس الأمريكي إلى طهران، حذر فيها من هجوم وشيك قد تقوم به واشنطن، رداً على استهداف طائرة أمريكية مسيرة.
كما حملت الرسالة التي نقلتها عمان إلى إيران دعوة من ترامب إلى اجراء مفاوضات، قبيل توتر الأوضاع بين البلدين، والوصول إلى استخدام القوة.
عُمان.. وسيط سابق
من عام 2012 وصولاً إلى 2015 ساهمت عمان في مفاوضات الملف النووي الإيراني، ونما دورها بشكل كبير من وسيط ينقل الرسائل المتبادلة، إلى مشارك في حل الأزمة بين البلدين.
وبدأت عُمان بالقيام بدور مرحلي بين أمريكا وإيران منذ بداية المحادثات السرية التي انطلقت عام 2012، والتي كان لها دور في انطلاق المفاوضات العلنية الحالي.
عُمان
كما توسطت عُمان في نقل الرسائل بين الطرفين، فعلى سبيل المثال، نقلت رسالة خطية من الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني عقب الانتخابات التي شهدتها إيران في 2013.
وقال حينها يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية، إن البديل عن الاتفاق الذي ساهمت عمان في التوقيع عليه "كان الحرب"، مؤكداً أنّ الاتفاق "صب في مصلحة الطرفين؛ إيران والقوى الست الكبرى".
وبسبب ما قامت به عُمان من دور حيادي فقد أصبحت مقراً مثالياً للمفاوضات السرية التي أدت للتوصل للاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة، إضافة إلى الدول الخمس الكبرى في لوزان 2015.
زيارة بن علوي لطهران!
مؤخراً وبسبب تزايد الزخم الدبلوماسي الذي سافر من أجله وزير الخارجية العماني إلى طهران عقب اتصال هاتفي من وزير الخارجية الأمريكية بقادة عُمانيين، تصور البعض أن مسقط تحاول فتح دائرة تفاوض خلفية بين واشنطن وطهران كما فعلت عام 2013.
والتقى بن علوي بظريف، حيث بحثا المستجدات الإقليمية والدولية والعلاقات الثنائية، حسبما أفادت الخارجية الإيرانية، في حين لم يصدر عن الخارجية العمانية تفاصيل بشأن الزيارة.
وتحدثت تقارير مؤخراً عن وصول المسؤول عن ملف إيران بالخارجية الأمريكية براين هوك إلى مسقط لمتابعة التشاور حول ملف إيران.
بن علوي
وبالتزامن مع الزيارة التي قام بها بن علوي في 22 مايو الماضي، قالت السفيرة العمانية في واشنطن حُنينة المغيري، إن بلادها جاهزة للتوسط بين أمريكا وإيران لحل النزاع بين الدولتين، مشيرة إلى أن "مسقط لا تتدخل في السياسة الخارجية لدول الجوار".
وجاءت الزيارة غير المعلنة حينها بالتزامن مع تصاعد لهجة الخطاب الأمريكي - الإيراني، وإعلان واشنطن إرسال حاملة الطائرات "أبراهام لينكولن" وطائرات قاذفة إلى الشرق الأوسط، بزعم وجود معلومات استخباراتية تفيد باستعداد إيران لتنفيذ هجمات قد تستهدف المصالح الأمريكية بالمنطقة.
توسط سابق!
في أواخر شهر يوليو من عام 2018، زار يوسف بن علوي واشنطن والتقى وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس، من أجل إحداث تهدئة وفتح قناة تواصل بين إيران وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفق ما ذكرت وسائل إعلام أمريكية حينها، نقلاً عن دبلوماسيين عرب وأوروبيين.
وجاءت زيارة الوزير العماني بعد قيام وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بزيارة سلطنة عمان قبل أسبوع من زيارته واشنطن، وهو ما أكد أن طهران بحثت عن توسيط مسقط لإخراجها من الأزمة مع واشنطن، وفتح قناة تواصل مع الأمريكيين مثلما حصل في 2013، والذي أفضى إلى الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني في صيف 2015.
كما جاء اللقاء بين بن علوي وماتيس بعد يوم واحد من تصريحات قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، التي لوح فيها بالاستعداد للمواجهة في البحر الأحمر.
واعتبرت تلك الأوساط أن إيران بحثت عن التهدئة بأي ثمن لتجنب العقوبات المقررة التي أقرتها واشنطن لاحقاً في شهر نوفمبر.
بن علوي
هذه التحركات جاءت في الأساس بعدما أعلن ترامب، في مطلع شهر مايو 2018، انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع ايران وإعادة العمل بالعقوبات عليها. مهدداً حينها طهران بمشاكل كبيرة إذا واصلت أنشطتها النووية، لكنه أبدى استعداده للمفاوضات على اتفاق جديد.
عُمان وسيطاً في حرب وشيكة!
في 21 يونيو الجاري، قال مسؤولان إيرانيان، إن طهران تلقّت رسالة من ترامب، عبر سلطنة عُمان، ليل 20 يونيو، للتحذير من هجوم أمريكي وشيك على إيران.
ونقلت وكالة "رويترز" عن أحد المسؤولين قوله إن ترامب قال في رسالته إنه ضد أي حرب مع إيران، ويريد إجراء محادثات مع طهران بشأن عدد من القضايا.
وأضاف: "طلب ترامب تحديد فترة زمنية قصيرة للحصول على ردّنا، لكن رد إيران الفوري هو أن القرار بيد الزعيم الأعلى، (علي) خامنئي، في هذه المسألة".