يُعد الموقف الأمريكي في استمرار العدوان والحصار على اليمن موقفاً مؤثراً ومحورياً ، ويعتقد الكثير أن واشنطن من خلال مشاركتها في الدعم والتخطيط للعدوان السعودي الإماراتي هي من تدير هذه الحرب وتتحكم فيها بل أن استمرارها مصلحة أمريكية بحته حيث تضمن إستحلاب السعودية والامارات من خلال دعمهم سياسيا وعسكريا .
وقد أظهرت تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الأخيرة أكبر دليل على إصرار واشنطن على إستمرار الحرب والحصار رغم سوء الأوضاع الإنسانية والتحذيرات التي تطلقها مئات المنظمات الدولية العاملة في الشأن الإنساني حيث قال بومبيو إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعارض فرض قيود على المساعدات الأمريكية للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن مضيفا ان بلاده ستستمر في دعم السعودية والإمارات لهزيمة من اسماهم المتمردين الحوثيين، وربط بين دعم بلاده للسعودية وسياسة واشنطن العدائية تجاه إيران متجاهلا الادلة القاطعة على أن بلاده وسياستها في المنطقة وحلفاءها هم من اوصلوا اليمن الى هذا الجحيم وهذه الكارثة.
تصريحات بومبيو تأتي بعد القرار الذي اتخذه مجلس الشيوخ الأمريكي المتضمن إنهاء الدعم العسكري الأمريكي للتحالف الإماراتي السعودي حيث صوت الأعضاء بأغلبية 54 صوتا مقابل 46 في المجلس المؤلف من 100 عضو، لصالح القانون الذي يسعى لمنع الجيش الأمريكي من أي نوع من المشاركة في الصراع، بما في ذلك توفير دعم للضربات الجوية السعودية على صعيد الاستهداف دون تفويض من الكونجرس. يمثل هذا القرار حسب العديد من المحللين ضربة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لسياسة دونالد ترامب الخارجية وتحالفه مع الرياض وابوظبي في اليمن. غير ان تصريحات بومبيو هذه تعتبر تحدى من قبل إدارة ترامب للكونغرس وكان مسؤولون أمريكيون أعلنوا في وقت سابق ان ترامب سيتخدم حق النقض الفيتو لإفشال هذا القرار الذي أعده المشرعين الأمريكيين.
وفي صنعاء انتقدت وزارة الخارجية اليمنية قرار ترامب في مواصلة الدعم والحرب على اليمن وقالت أن مواقف الادارة الامريكية وتصريحات بومبيو ليست بغريبة على واشنطن بوصفها القائد الفعلي لتحالف العدوان، ومتورطة في إرتكاب جرائم الحرب وجرائم الإبادة بحق الشعب اليمني وكانت ولا تزال المسؤل الأول عما يجري في اليمن. ولفتت الوزارة الى أن تلك التصريحات لا تخدم جهود السلام التي يقوم بها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، وتعكس الإصرار الأمريكي على إطالة أمد الحرب ومضاعفة المعاناة الإنسانية للشعب اليمني التي لم يسبق لها مثيل. كما دعت الوزارة الإدارة الأمريكية إلى مراجعة سياساتها في اليمن التي لن تفضي إلا إلى مزيد من السخط في أوساط الشعب اليمني، وتضر بمصالح الشعب الأمريكي في اليمن والمنطقة.
ويُعد الدعم الامريكي للعدوان السعودي الأمريكي على اليمن بشقيه السياسي والعسكري محورياً ومهما حيث يعتقد العديد من الخبراء الغربيين ان السعودية ستوقف حرب اليمن إذا توقف الدعم الأميركي حتى لوكان لأسبوع واحد ووصف السفير الأميركي السابق لدى السعودية روبرت جوردان الدعم الأميركي بأنه حيوي لقدرات الرياض العسكرية. وقال جوردان لموقع "ميدل إيست آي" ان الادارة الامريكية اذا علقت فقط توفير قطع غيار لطائرات أف 15، فإن الطلعات الجوية السعودية والاماراتية سوف تتعطل في غضون أسبوعين. مضيفا ان تعطلها سوف يدفع الدولتين للذهاب إلى طاولة المفاوضات والتفاوض وإنهاء الحرب.
ويرى العديد من المحللين أن واشنطن تجني فوائد مالية كبيرة من هذه الحرب لذلك تصر واشنطن على استمرارها وحماية السعودية والامارات حتى سياسيا واقتصاديا، حيث عقدت الدولتين صفقات اسلحة بمئات المليارات كما ان الدولتين تدفع رشاوي وهبات مالية بمئات الملايين للعديد من الاشخاص والشركات في واشنطن والعديد من العواصم المؤثرة كما أن الحرب تضغط على ابوظبي والرياض للارتماء أكثر في أحضان ترامب وتنفيذ سياساته في المنطقة، واهما دفع هذه الدول الى التطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي وتصفية القضية الفلسطينة التي تعتبر قضية محورية للأمتين العربية والاسلامية.
وفي ظل إصرار الإدارة الأمريكية على الحرب رغم الكارثة والمأساة الانسانية يدخل العدوان بعد اسبوع عامة الخامس مسجلا فشلا ذريعا في تحقيق اهدافه التي رسمها عشية الانطلاقة في 25 مارس عام 2014 حيث أستطاع الشعب اليمني رغم الحصار والحرب غير الأخلاقية الصمود وافشال اهداف قوى العدوان.
وبعد أربع سنوات من الحرب وفي ظل فشل العدوان تصاعدت في الآونة الأخيرة الاختلافات والانتقادات بين المرتزقة والتحالف السعودي الإماراتي حيث أصبحت الرياض وابوظبي تواجه انتقادات حادة من قبل مرتزقتها اليمنيين على الارض باعتبارهم سبب فشل الحرب وعدم تحقيق اهدافها واضعاف حكومة مايسمى بالشرعية معتبرين ان الامارات والسعودية تمارس الإقصا
ء وتتقاسم المناطق التي تحتلها في الجنوب والشرق. كما قامت السعودية والإمارات بصناعة العديد من المليشيات والجيوش المتناحرة التي ليست فقط خطر على حياة المواطنين بل خطر ايضا على مستقبل اليمن وحاضره وتسعى العديد من هذه المليشيات المتطرفة المرتبطة بالسعودية والامارات الى تجزئة اليمن وتحويله الى كانتونات متناحرة.