قالت صحيفة "واشنطن بوست الأميركية، إن هجمات حركة حماس في 7 أكتوبر الماضي، ورد الفعل الإسرائيلي على قطاع غزة، أزعجا إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، أكثر من أي قضية أخرى خلال فترة رئاسته، مشيرةً إلى أن 3 مسائل خلفت انقسامات "غير مسبوقة" داخل البيت الأبيض.
وذكرت الصحيفة، أن مجموعة تتكون من نحو 20 موظفاً غاضباً في البيت الأبيض، عقدت اجتماعات مع كبار مستشاري بايدن في وقت سابق من هذا الشهر، مع دخول الحرب الإسرائيلية في غزة أسبوعها السادس.
وأضافت، أن المجموعة المتنوعة من الموظفين كان لديهم 3 مسائل رئيسية يريدون مناقشتها مع كبير موظفي البيت الأبيض جيف زينتس، وكبيرة مستشاري البيت الأبيض أنيتا دن، ونائب مستشار الأمن القومي جون فاينر.
3 مسائل
وأوضحت أن المسائل الثلاث التي كان يرغب الموظفون في معرفتها، هي استراتيجية الإدارة لتقليص عدد الضحايا المدنيين في غزة، والرسالة التي تخطط الإدارة لإرسالها بشأن الصراع، ورؤيتها للمنطقة بعد الحرب.
وأفاد مسؤول في البيت الأبيض مطلع على مجريات الاجتماع، تحدث للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويته، بأن الإدارة الأميركية لا تنتقد إسرائيل علناً لـ "تتمكن من التأثير على قادتها سراً".
وأضاف أن المسؤولين الأميركيين كانوا يضغطون على تل أبيب لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين، وأن الرئيس وكبار مستشاريه دعوا إلى تحقيق حل الدولتين بمجرد انتهاء الصراع.
وأوردت "واشنطن بوست" أن اجتماع المسؤولين الذي لم يُعلن عنه سابقاً، يسلط الضوء على كيف أن الطريقة التي يتعامل بها بايدن مع ما يُمكن وصفه بأنه أكبر أزمة سياسة خارجية يواجهها خلال ولايته "تثير انقساماً في البيت الأبيض"، في ظل إدارة تفخر بأنها تعمل بشكل منضبط ومتحد.
الحرب أزعجت إدارة بايدن
ونقلت الصحيفة عن عدد من مستشاري وحلفاء الرئيس داخل البيت الأبيض وخارجه، أن الحرب بين إسرائيل وغزة أزعجت إدارة بايدن أكثر من أي قضية أخرى واجهتها خلال السنوات الثلاث الماضية، مع شعور موظفي البيت الأبيض بالقلق إزاء مواقف الإدارة من "القضية التي تحمل شحنة عاطفية للغاية".
وقال مستشارون إن ما يزيد حساسية الأمر، هو أن الدعم الراسخ لإسرائيل الذي يراه العديد من الموظفين مزعجاً، يعود في جزء كبير منه إلى ارتباط بايدن الدائم بإسرائيل.
وكثيراً ما يشير بايدن إلى لقائه مع رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك جولدا مائير في عام 1973 باعتباره حدثاً بارزاً ساهم في تشكيل وجهة نظره بشأن إسرائيل باعتبارها "ذات أهمية حاسمة بالنسبة لليهود".
ومع ذلك، هناك حدود لمدى قدرة الولايات المتحدة على التأثير على تصرفات إسرائيل، حيث "تمتنع إلى حد كبير عن انتقادها علناً".
وقال إيفو دالدر، رئيس مجلس شيكاغو للشؤون العالمية وسفير واشنطن لدى حلف شمال الأطلسي "الناتو" سابقاً، للصحيفة: "أعتقد أن الإدارة أدركت منذ وقت مبكر للغاية أنها في مأزق".
واشنطن "في مأزق"
وأوضح دالدر أن الولايات المتحدة "وقعت في مأزق ليس فقط بسبب الميول الشخصية لبايدن، وهي حقيقية، وقوية، وهامة"، ولكن بسبب التكاليف السياسية الناجمة عن الانفصال عن إسرائيل، خاصة بعد هجوم "حماس" في أكتوبر الماضي.
وقالت "واشنطن بوست" إنها أجرت مقابلات مع 17 مسؤولاً في البيت الأبيض ومسؤولين بارزين في الإدارة، ومستشارين من خارج الإدارة. وتحدث العديد من هؤلاء المسؤولين بشرط عدم الكشف عن هويتهم للكشف عن محادثات داخلية.
ويؤكد مسؤولون في البيت الأبيض أن نهج "عناق الدب" الذي يتبعه بايدن مع إسرائيل "منحه مصداقية لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ما سمح للرئيس الأميركي بممارسة نوع الضغط الذي أدى إلى صفقة الرهائن الحالية ووقف القتال".
وفي الوقت الحالي، يستغل المسؤولون الأميركيون الهدنة لحث إسرائيل على أن تكون عملياتها العسكرية المتوقعة في جنوب غزة، حيث يوجد ما يقرب من مليوني فلسطيني، "أكثر دقة وأقل دموية"، وفقاً لاثنين من كبار المسؤولين في الإدارة.
وقالت الصحيفة إن الانقسام في البيت الأبيض قائم إلى حد ما بين كبار مستشاري بايدن القدامى ومجموعة من الموظفين الأصغر سناً من خلفيات متنوعة.
ولكن كبار المستشارين أيضاً قالوا إنهم يدركون أن الصراع أضر بالمكانة العالمية للولايات المتحدة، وقال مسؤول بارز: "نحن نتلقى الكثير من الانتقادات نيابة عن إسرائيل".
تأثير أميركي على إسرائيل
وقال مستشارو بايدن إن تصريحاته العلنية بشأن مسؤولية إسرائيل عن تقليص الخسائر في صفوف المدنيين والسماح بدخول المساعدات إلى غزة أصبحت مباشرة على نحو متزايد، بينما يرفض الدعوة إلى وقف لإطلاق النار كما يريد العديد من الليبراليين.
كما يصر البيت الأبيض على أنه أثر على التكتيكات العسكرية الإسرائيلية، مضيفاً أن متوسط عدد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة يومياً تجاوز 100 شاحنة يومياً، وأن إسرائيل تسمح بدخول بعض الوقود إلى القطاع.
وقال مسؤول كبير في الإدارة، اشترط عدم الكشف عن هويته، إن إسرائيل أرسلت إلى غزة ثلث عدد القوات التي كان من المقرر إرسالها إلى القطاع في البداية بعدما أرسلت الولايات المتحدة ثلاث ضباط عسكريين كبار في أواخر أكتوبر لتقديم المشورة للإسرائيليين بشأن استراتيجيتهم.