اتفاق جديد، وقعته واشنطن، لتقييد وصول آلات إنتاج الرقائق الإلكترونية المتقدمة إلى الصين، في إطار الحرب التجارية بين البلدين.
توصلت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لاتفاق مع هولندا واليابان لتقييد تصدير بعض آلات إنتاج الرقائق الإلكترونية المتقدمة إلى الصين، وذلك في مفاوضات اختتمت في واشنطن.
وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أن الاتفاق، الذي يهدف إلى تقويض طموحات بكين لبناء قدرات خاصة بها محليا لإنتاج الرقائق الإلكترونية، سيوسع بعض ضوابط التصدير التي اعتمدتها الولايات المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول، لتشمل الشركات الموجودة في الدولتين الحليفتين، بما في ذلك شركات "أيه إس إم إل هولدنج إن في" و"نيكون كورب" و"طوكيو إلكترون" المحدودة.
أصبحت صناعة الرقائق عملاً محفوفاً بالمخاطر بشكل متزايد، إذ يحتاج إنشاء مصنع جديد لها ما يصل إلى 20 مليار دولار، كما يستغرق بناؤه سنوات، ويجب تشغيله بشكل ثابت 24 ساعة يومياً لجني الأرباح.
هذه القطع التكنولوجية الصغيرة للغاية لكن مهمة، المعروفة أيضاً باسم "الدوائر المتكاملة" أو "الرقائق" وهو الاسم الأكثر شيوعاً لها، قد تكون أصغر المنتجات التي يجري تصنيعها على الإطلاق وأكثرها دقة كذلك.
يخضع صانعو الرقائق لرقابة متزايدة حول ما يبيعونه للصين، التي تعد أكبر سوق عالمية للرقائق. وأدت التحولات في سلسلة التوريد العالمية، وأزمات النقص التي برزت مؤخراً، إلى إسراع الحكومات لدعم المصانع والمعدات الجديدة، بداية من الولايات المتحدة وأوروبا وحتى الصين واليابان.
تُستخدم الرقائق المتطورة لتشغيل أجهزة الكمبيوتر السوبر ومعدات الذكاء الاصطناعي والتجهيزات العسكرية.
وتقول الولايات المتحدة إن استخدام الصين للتكنولوجيا يشكل تهديدا لأمنها القومي.
جهود الصين
وكثفت الولايات المتحدة جهودها ومساعيها لإعاقة تقدم الصين في صناعة الرقائق الإلكترونية التي تعتبر عنصراً جوهرياً في كل الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف الذكية إلى الأسلحة والمعدات العسكرية.
من جانبها عملت الصين على إعداد حزمة دعم تزيد قيمتها على تريليون يوان (143 مليار دولار) لصناعة أشباه الموصلات لديها.
وذلك في خطوة كبيرة تستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من الرقائق ومواجهة التحركات الأمريكية التي تهدف إلى إبطاء تقدمها التكنولوجي.
وتخطط بكين لطرح واحدة من أكبر حزم الحوافز المالية على مدى خمس سنوات، والتي ستكون بشكل أساسي في صورة إعانات وائتمانات ضريبية لتعزيز إنتاج أشباه الموصلات وأنشطة البحث في الداخل، بحسب تقرير إعلامي نشرته وكالة رويترز الشهر الماضي.
ويشير ذلك، كما توقع محللون، إلى نهج مباشر بصورة أكبر من جانب الصين في تشكيل مستقبل صناعة أصبحت قضية جيوسياسية ساخنة بسبب الطلب المتزايد على الرقائق والتي تعتبرها بكين حجر الزاوية في قوتها التكنولوجية.
ويقول محللون إنه من المرجح أيضا أن يثير ذلك مزيدا من المخاوف في الولايات المتحدة وحلفائها بشأن منافسة الصين في صناعة أشباه الموصلات، ويشعر بعض المشرعين الأمريكيين بالقلق بالفعل إزاء زيادة قدرة الصين على إنتاج الرقائق.
وبحسب التقرير فإن الخطة قد تنفذ في الربع الأول من العام الجديد.
وأضافت أن غالبية المساعدة المالية ستستخدم في دعم مشتريات معدات أشباه الموصلات المحلية من قبل الشركات الصينية.
وقالت المصادر الثلاثة، إن مثل هذه الشركات ستحصل على دعم بنسبة 20 % على تكلفة المشتريات.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول أقرت وزارة التجارة الأمريكية مجموعة شاملة من اللوائح، والتي يمكن أن تمنع مختبرات الأبحاث ومراكز البيانات التجارية من الوصول إلى رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة، ضمن قيود أخرى.
ووقع الرئيس الأمريكي جو بايدن في أغسطس/ آب مشروع قانون تاريخي لتقديم منح بقيمة 52.7 مليار دولار لإنتاج وأبحاث أشباه الموصلات الأمريكية بالإضافة إلى ائتمان ضريبي لمصانع الرقائق تقدر قيمته بنحو 24 مليار دولار.
عقد من الزمان
وبحسب خبير صيني، صناعة الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات في الصين تحتاج إلى أكثر من عقد من الزمن للحاق بأقرانها العالميين، بسبب ضعف قاعدة الصناعة، بينما تضيف الحرب التجارية مع الولايات المتحدة ضغطا إضافيا على جهود بكين، وفقا لما ذكره خبير صيني.
وقال جاي هوانغ جي، الشريك المؤسس لشركة جادستون كابيتال والمدير الإداري السابق لشركة إنتل في الصين، إن "هذه صناعة بالغة الصعوبة والوحشية، وتعتمد اعتمادا كبيرا على التراكم الصناعي طويل الأجل".
وقال هوانغ، الذي غادر شركة إنتل في عام 2015 لتأسيس شركته الاستثمارية الخاصة التي تركز على صناعة أشباه الموصلات "ينبغي أن تكون الصين مستعدة لماراثون لا يقل عن عقد من الزمان".
وعبرت بعض البلدان الآسيوية التي تنتج الرقائق الإلكترونية مثل تايوان وسنغافورة وكوريا الجنوبية عن قلقها بشأن تداعيات هذه المعركة المريرة على سلسلة التوريد العالمية.