"يا نفس إن لم تُقتلي فموتي، ونحن لا نرفع أيدينا إلا لله، ولا نسجد إلا لله، ولا نسمع إلا من رسول الله"، كانت هذه هي الرسالة الأخيرة التي نشرها الشهيد خيري علقم على حسابه على "تيك توك"، أمس الجمعة 27 يناير/كانون الثاني 2023، قبل أن ينطلق نحو مستوطنة "النبي يعقوب" في القدس، للقيام بعمليته التي استهدفت مستوطنين إسرائيليين.
من هو خيري علقم؟
وُلد الشهيد خيري موسى علقم، البالغ من العمر 21 عاماً، في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2001، وعاش في منزل عائلته في حي الشيّاح في قرية الطور شرق المسجد الأقصى، في حين ينحدر من قرية بيت ثول المهجرة بقضاء القدس المحتلة في 1948، وهو الثاني بين أشقائه السبعة.
ووفقاً لما ذكره على حسابه الشخصي على "فيسبوك"، فإنّ خيري درس حتى الثانوية في مدارس قرية الطور، قبل أن يبدأ العمل في مجال الكهرباء في القدس المحتلة.
سُمي تيمناً باسم جدّه الشهيد الذي قُتل على يد مستوطن
ووفقاً لوكالة "شهاب" فإنّ خيري سُمي تيمناً باسم جده الشهيد "خيري علقم"، الذي قُتل في يوم 13 مايو/أيار 1998، وكان يبلغ من العمر حينها 51 عاماً، بعد أن طعنه مستوطن إرهابي في حي "ميه شعاريم" الحريدي، في القدس المحتلة، أثناء توجهه إلى عمله في مجال البناء.
وكان خيري الجد، رب أسرة مكونة من 9 أفراد، أكبرهم كان يبلغ من العمر 22 عاماً، وأصغرهم لم يتجاوز العامين.
وفي العام 2001 رزق أحد أبنائه بطفل أطلق عليه اسم أبيه الشهيد "خيري علقم"، هو ذاته الذي كبُر وحمل على عاتقه الثأر لجده أمس الجمعة.
في حين أفصحت مصادر عبرية، أن الإرهابي اليهودي حاييم فرلمان هو من قام في عام 1998 بقتل جد منفذ عملية الكنيس اليهودي في القدس، خيري علقم.
وأضافت المصادر أنّ سجل فرلمان حافل بالجرائم، حيث طعن أيضاً 3 فلسطينيين آخرين بنفس الطريقة، واستشهدوا جميعهم، كما حاول قتل 7 آخرين.
وأشارت إلى أنه بالرغم من كل هذه الجرائم التي نفذها بحق الفلسطينيين، قام القضاء "الإسرائيلي" بتبرئته.
آخر ما كتبه خيري علقم على فيسبوك
أما آخر كلمات الشهيد خيري علقم على حسابه على "فيسبوك" فكانت: "لا تقلق، سوف يعطيك ربك حتى ترضى، وسوف يرضيك حتى تنسى أن همّاً مر عليك".
فيما كانت من منشوراته أيضاً صورة له داخل المسجد الأقصى، وأخرى كتب فيها "اللهم اجعلنا ممن نالوا ما تمنوا".
في يونيو/حزيران 2021، كتب "يمكنك التراجع لتجنب الحرب، لكن لا تتراجع ملليمتراً إذا بدأ القتال".
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، كتب: "من قال إننا نريد السلام؟ نريد حرباً لا نهاية لها".
عملية خيري علقم في القدس
قالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن العملية التي نفذها "خيري علقم" في القدس المحتلة، أدت لمقتل 8 مستوطنين إسرائيليين على الأقل، وذلك بعد 24 ساعة على اقتحام للقوات الإسرائيلية لمخيم جنين، أسفر عن 9 شهداء، بينهم مُسنة.
وفي تفاصيل نشرتها صحيفة معاريف الإسرائيلية، قالت إن خيري علقم "ترجَّل من سيارة وفتح النار على المارّة، على بُعد نحو 100 متر من كنيس يهودي في مدينة القدس".
وبحسب الصحيفة، فإن المنفذ خيري علقم تحرك بعد ذلك ليطلق النار على مستوطنين آخرين، قبل أن يشتبك مع عناصر الشرطة ويُستشهد.
فيما قالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، إن منفذ العملية نصب كميناً للمستوطنين، وعندما خرجوا من الكنيس أطلق النار عليهم، ثم بدأ بإطلاق النار على المارة، ثم أطلق النار باتجاه شرطي.
أضافت الصحيفة أن "عملية الليلة هي الأخطر خلال السنوات العشر الأخيرة".
ونشرت وسائل إعلام فلسطينية صوراً، قالت إنها للمسدس الذي نفذ به الشاب خيري علقم العملية.
كتائب شهداء الأقصى تتبنّى العملية
في حين تبنّت "كتائب شهداء الأقصى"، المحسوبة على حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، منفذ عملية القدس، الجمعة، وقالت إنه خيري علقم، ويبلغ 21 عاماً.
وقالت عبر حسابها على تويتر: "تزفّ كتائب شهداء الأقصى الاستشهادي المنغمس خيري علقم (21 عاماً)، من حي الطور في القدس المحتلة".
وأضافت وفقاً لما ذكرته وكالة الاناضول، أن علقم "ارتقى بعد أن زلزل أمن كيان بني صهيون المزعوم، وجندل بمسدسه أكثر من سبعة قتلى، وكشف هشاشة منظومتهم الأمنية والعسكرية".
وأردفت أن "العملية تأتي في سياق الرد الطبيعي على جرائم العدو الصهيوني، بحق أبناء شعبنا، والتي كان آخرها جريمة مخيم جنين، وجاءت لتؤكد صوابية خيار المقاومة المسلحة".
وتشكّلت "كتائب شهداء الأقصى" عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية بداية عام 2000، على يد قادة ونشطاء في حركة "فتح"، التي يتزعمها حالياً الرئيس محمود عباس.
وفي 2005، أعلن الرئيس عباس حل "شهداء الأقصى"، وبدء فتح مسار سياسي مع إسرائيل، لكن مسلحي الكتائب يظهرون بسلاحهم في مختلف المناسبات، دون أن تتبناهم حركة فتح رسمياً.