ليس مستغربا حالة التردي الذي وصلت إليه الدول العربية في كل مجالات الحياة المختلفة!! وليس مستغربا كذلك انقضاض الغرب على الشرق ونهب ثرواته والعمل الدؤوب لصناعة المشاكل فيه، وزراعة الفتن والشقاق بين أبنائه !! يقول البرت أوغست غابريل هانوتو لما ضاقت أوروبا باهلها دفعها إلى الاستعمار في كل صوب فصادف الأوربيون أرضا واسعة، وشعوبا لا حراك بها، فقبضوا على الأعمال السياسية والاقتصادية ـ يقصد بلاد الشرق – وعملت أوروبا جاهدة منذ ذلك الحين على تأخر العرب، وجعل شعوبها مستهلكة لا منتجة، وحكامها رهينة لأوامرها، لأن الأوربيين مؤمنون أنه كلما تأخر الشرق تقدم الغرب، فالواقف يتأخر بقدر ما يسير الماشي، ونحن شعوب العالم العربي ظننا بعد حركة التحرر من الاستعمار القديم وقيام الحركة القومية المناهضة للمستعمرين الفرنسيين والإنجليز والطليان وغيرهم من القوميات الأجنبية، ظننا أنه قد تم تطهير البلاد العربية من أولئك اللصوص الذين سرقوا خيرات أمتنا، واستعبدوا شعوبها وحكامها، وظننا أيضا أن نهاية تلك المرحلة الاستعمارية قد انتهت، وأن مرحلة جديدة ظنناها قد بدأت، أو على وشك أن تبدأ، إلا أن المرحلة الجديدة لم تتحقق،، والمرحلة السابقة ما زالت مستمرة ?!!
حاولت كغيري أن ابحث عن الأسباب والتفسيرات الموضوعية ومحاولة إيجاد المبررات التي تقف وراء ممارسات الحكومات العربية لهذا الانبطاح المهين للغرب عموما وأمريكا خصوصا، وسياسة التناقض والانقضاض المكشوفة على القيم والثوابت العربية التاريخية لمفهوم السيادة الوطنية والاستقلال ورفض الإملاءات الخارجية في اتخاذ القرار الوطني ولم أجد لتلك المهانة والذل إجابة , كما لم أجد سببا واحدا يشفع لتلك الحكومات العربية الرخوة غير السقوط الكامل لتلك الأنظمة في بئر الخيانة والعمالة التي تجري في دمائهم الملوثة . فاذا كان حكام الدول العربية يعتقدون أن ذلك الانبطاح المخزي لأمريكا وأوروبا بمفهومهم القاصر- هو تحالف – وان ذلك التحالف سيحمي عروشهم من السقوط والزوال فهم واهمون!. لأنه وبمراجعة بسيطة للأحداث الغابرة للعقود الماضية وحال العرب مع الغرب، يؤكد أن تلك التحالفات تاريخيا لم تؤت ثمارها، مثلما كان يراهن حلفاؤها العرب !! . إن الهيمنة الأمريكية وقدرتها على تسخير القرارات الدولية لفرض الحصار الاقتصادي، والعزلة علي الدول التي لا تخدم مصالحها ، ليست سوى بضاعة مزجاة لا يشتريها إلا السذج من البشر كحكام العرب , لأجل تلك البضاعة المغشوشة لا تتورع أمريكا عن استخدام الدعاية القذرة من خلال وسائل الإعلام الموالية لمشروعاتها الإمبريالية في توجيه الرأ يالعام الدولي للقبول بأمريكا العظمى ، أمريكا في حقيقتها لا تسمن ولا تغني من جوع، وليس ادل على ذلك من دولة كوبا التي وقفت دولة معادية لأمريكا وسياستها المتغطرسة والمخالفة لكل المواثيق والأعراف الدولية هذا بالأمس، أما اليوم فتوجد جمهورية كوريا الشمالية التي تحدت هي الأخرى أمريكا ولم تنصع لتهديداتها. أمريكا دولة لا تعترف بالضعيف ولا ترعى العهود، أو تلتزم بالمواثيق والأعراف الدولية وهي أشبه بعصابة المافيا لا هم لها سوﻯ جني الثروات وسرقتها من الدول الضعيفة والمستضعفة، فالرئيس العراقي الأسبق صدام حسين كان عميل لأمريكا ماذا صنعت له سوﻯ التآمر عليه وجره لمستنقع الخطيئة، باعتدائه على الكويت، ثم حرضت عليه العالم حتى تم غزو العراق وتدميرها، وقتل الرئيس العراقي شخصيا !! وهناك روسيا على سبيل الذكر أيضاً وموقفها السلبي من الرئيس الليبي معمر القذافي، حيث وقفت سياسيا وعسكريا على الحياد المهين المثير للشبهات في حرب ليبيا واغتيال القذافي الذي كان يعتبر اهم حلفائها التاريخيين في منطقة الشرق الأوسط ، حيث قام معمر القذافي في زيارته الأخيرة إلى روسيا بشطب جميع الديون المستحقة على روسيا ، ووقع معها على اتفاقيات اقتصادية جديدة انقدت الاقتصاد الروسي من الانهيار الكامل , فالغرب عموما لا يحملون جمالة ولا معروفا، والمتغطي بهم عريان ومكشوف, وما زاد الطين بلة أن الشعوب العربية هي الأخرى قد تم اعتقالها في زنازين الجهل عوضا عن الحرية والكرامة، وفقدت بوصلة المعرفة والتحرر لنفسها ودولها من الهيمنة الإمبريالية والغطرسة الأوروبية الكذابة !!