لقد اصبح سقوط كافة المدن الأفغانية بيد حركة «طالبان» أمراً محسوماً وخصوصاً بعد تهاوى كافة المُدن الرئيسية من ضمنها معقل الحكومة الافغانية العاصمة «كابل»والذي اجتاحتها «طالبان» اليوم الأحد عقب فرار الرئيس الافغاني منها.
«تقدم متسارع»
ان التقدم العسكري لـ طالبان والذي يعتبر الأسرع من المتوقع خلال الأيام القليلة الماضية ضد القوات الحكومية الأفغانية المدعومة أمريكياً لم يكن إلا حصاد الكفاح المسلح "الصلب" الذي انتهجته حركة طالبان في مسيرة حربها ضد قوات الغزو «الأمريكي» على مدى عقدين من الزمن والذي بدوره أجبر واشنطن خلال الشهور القليلة الماضية على لسان رئيسها "بايدن"بإتخاذ قرار إعلان الهزيمة «الثقيلة» والفرار بجنودها من أطول حرب عرفها تاريخ «الولايات المتحدة الأمريكية» والتي كان ثمنها هلاك أكثر من 2300 جندي "أمريكي" وتبخر أكثر من «ألف» مليار دولار تاركة خلفها قوات حكومية منهارة معنوياً ومجردة من أي عقيدة قتالية وهو ما افرز نقاط التفوق العسكري لحركة «طالبان» على الأرض.
«دوافع الإنسحاب»
لم يكن انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من افغانستان إلا نتيجة ادراك صانعو القرار الأمريكي على ان استمرار خوض واشنطن حرب طويلة الأمد في افغانستان اصبحت ذات كلفة مُرهقة للإقتصاد الأمريكي يمكن ان تسخر مواردها في الإنفاق على قضايا أخرى اهمها التصدى للمنافس الاستراتيجي لها والذي يتمثّل في«الصين»حيث تعتبرها واشنطن الخصم الأبرز الذي بدأت مخالبها تنهش تفوقها العسكري والاقتصادي وهوا ما أكد ذلك عدة تقاريرحديثة نشرتها«مراكز ابحاث ودراسات دولية مرموقة»والتي أكدت في مجملها بأن واشنطن لم يعد في مقدورها حالياً مجابهة الصين عسكرياً.
«خطأ فادح»
عدد من الصحفيين والمحللين السياسيين الأمريكيين اعتبروا قرار الرئيس الأمريكي "بايدن"بإنهاء التواجد العسكري للقوات الأمريكية في افغانستان بمثابة "خطأ فادح"كونه تجاهل كل التوصيات والمقترحات من قبل القادة العسكريين والسياسيين الذين ركزوا على ضرورة اعداد خطة استراتيجية تسبق الانسحاب للقوات الأمريكية من شأنها ضمان عدم تكمن "طالبان" من اسقاط الحكومة "الافغانية"الموالية لواشنطن والسيطرة الكاملة على الاراضي الافغانية.
«قشة إنقاذ»
انخراط واشنطن مع طالبان في مفاوضات سلام مباشرة توّجت فعلياً بتوقيع اتفاق سلام فيما بينهما في نهاية فبراير 2020م في العاصمة القطرية الدوحة والذي نصت اهم بنودة على إنسحاب القوات الامريكية من افغانستان مقابل تعهد "طالبان" بعدم مهاجمة المصالح الأمريكية مكنها من الحصول على قشة انقاذ اخرجتها من دائرة الحرب الموجعة طويلة الأمد وحفظت لها ماتبقى من ماء الوجه الملطخ بالهزيمة؛ دون الاكتراث لمصير بنود الاتفاق التي تخص بالدرجة الأولى الحكومة الأفغانية متجاهلة كل دورها في تسهيل غزوا افغانستان والإطاحة بحكم "طالبان".
«سيناريو ومحاولة يائسة»
سيناريو سيطرة طالبان على كافة الأراضي الافغانية و صعودها مجدداً الى نافذة السلطة سيظل الاكثر ترجيحا مع محاولة يائسة من قبل الادارة الامريكية على ايجاد توازن فيما بين قوى "طالبان" والحكومة الأفغانية بهدف تمرير ماتبقى من نقاط الاتفاق التي ترعاه الدوحة.
ختاماً يبقى السؤال الأهم :هل ستنجح "طالبان" في ادارة السلطة بعيداً عن شلالات الدماء ودون تدخل قوى اقليمية تتطلع لعب دور واشنطن؟
.... قادم الأيام هي من تُجيب.