بشكل صدم "إسرائيل" على مستوياتها كافة ، انفجر صاروخ يحمل راسا حربيا متفجرا من 200 كلغ في محيط مفاعل ديمونا في النقب بعد أن اطلق من سورية ، قاطعا مسافة 200 كلم فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة متحديا منظومة الدفاع الجوي "الإسرائيلي" من قبة فولاذية وسواها ، تلك المنظومة التي تعيش منذ أسبوعين حالة جهوز و استنفار قصوى فرضت بعد أن اعتدت "إسرائيل" على أهداف إيرانية وسورية و تصورت بان الرد لا بد اتق لان المستهدف لا يمكنه السكوت على هذا التحرش الذي من شانه الأخلال بقواعد الاشتباك و بمعادلات الردع الاستراتيجي القائمة بين العدو و محور المقاومة .
بيد انه من الملفت أن العدو "الإسرائيلي" وفي محاولة للتخفيف من وقع الصدمة ادعى أن الصاروخ هو صاروخ ارض – جو طائش أطلق من الأراضي السورية على طائرة إسرائيلية كانت تعتدي على أهداف شمال شرقي دمشق في منطقة الضمير السورية) لكنه ضل طريقه وأخطأ الطائرة وتابع مساره حتى وصل إلى النقب على بعد 280 كلم من منطقة الأهداف في سورية !!؟. رواية إسرائيلية تبريرية وتخفيفية ليس من شانها ألا أن تثير سخرية ليس الخبراء فحسب بل حتى والأشخاص العاديين الذي لديهم بعض المام ببعض الأمور المتصلة بعالم الصواريخ واللية استعمالها، فالرواية الإسرائيلية لا تصلح ابدآ لتفسير هذه المسالة التي نعتقد أن حقيقتها في مكان أخر. فما هي طبيعة هذا الصاروخ وما هو الدافع اليه وما هي التداعيات المترتبة عليه؟
في مقاربة أولية نستبعد بشكل شبه مطلق أن يكون هذا الصاروخ صاروخ ارض – جو كما يزعم العدو و بانه كان يستهدف طائرة معادية اخترقت الأجواء السورية ، حيث أن انه لم يسجل طيران معادي في الأجواء السورية لحظة اطلاق الصاروخ، ثم أن العدوان "الإسرائيلي" الذي حصل تم عبر الجولان بصواريخ إسرائيلية اطلقت من داخل الأرض المحتلة في فلسطين و الجولان، و أن المنطقة المستهدفة بهذه الصواريخ تقع على مسافة 40 كلم شمال شرق دمشق و بالتالي تكون الرواية الإسرائيلية منافية للمنطق و الحقيقة فالصاروخ كما يبدو من حيثياته و حيثيات أطلاقه هو صاروخ ارض- ارض اطلق من سورية ليحمل رسائل و يثبت قواعد طالما هربت منها "إسرائيل" .
وهنا نذكر بالقرار السوري بأسقاط طائرة F16 الإسرائيلية التي دمرت بصاروخ أطلقته منظومة الدفاع الجوي السوري وكان كافيا ليفهم "إسرائيل" بان الأجواء السورية استعادت مناعتها وأعيد أغلاقها بوجه طيرانها، ولذلك نرى أن العدو يتجنب انتهاك الأجواء ويستعمل أجواء الجولان المحتل أو الأجواء اللبنانية لتنفيذ اعتداءاته على سورية من اجل خدمة أهداف الحرب الكونية والأعمال الإرهابية التي تشن عليها.
واليوم يبدو أن هناك قرار استراتيجي كبير اتخذه محور المقاومة يتصل بالرد على الانتهاك "الإسرائيلي" المتكرر للسيادة السورية ومتابعة ارتكاب الجرائم العدوانية على الأرض السورية الجرائم التي لم تتوقف ولم يفلح مجلس الأمن الدولي باتخاد أي تدبير لوقفها رغم عشرات الرسائل التي وجهتها الحكومة السورية اليه بهذا الصدد.
كما أن هذا القرار ما يبدو أن له صلة أيضا بالتحرشات الإسرائيلية العدوانية الأخيرة ضد أهداف إيرانية في نطنز حيث المنشاة النووية الإيرانية التي أضرم فيها حريق نتيجة عمل تخريبي بيد إسرائيلية أوفي البحر حيث استهدفت سفن إيرانية تجارية متجهة إلى سورية.
ما يعني انه وكما نجحت سورية في أقفال أجوائها عبر أسقاط طائرة العدو فأن محور المقاومة يكون قد خطا خطوة كبيرة في اتجاه رسم مشهد جديد في المنطقة لن تكون "إسرائيل" مطمئنة اليه.
فصاروخ ديمونا يمكن وصفه بالعمل التحذيري – الإنذاري الذي ينذر العدو "الإسرائيلي" بان هناك مشهد جديد يتشكل في المنطقة قائم على حقيقة فهم محور المقاومة للحقائق و الوقائع التي يرى فيها مدى وهن البنية الدفاعية الإسرائيلية و مدى وهن منظومته الدفاعية ، من جهة ، و من جهة أخرى يؤكد على القرار بالمواجهة و التصدي و استهداف مناطق أو أهداف ذات حساسية و خصوصية مفرطة لدى كيان العدو، مشهد يؤكد فيه محور المقاومة أن لا حصانات لأي منطقة أو أهداف و لا مناعة تمنعه من استهدافها بما في ذل المنشاة النووية التي ضمها صاروخ ديمونا اليوم إلى بنك أهداف محور المقاومة و هو فعل نعتقد أن "إسرائيل" تفهمه جيدا و تفهم تداعياته و تبعاته .
ومع هذا الصاروخ الذي حمل من يقطن في محيط ديمونا من الإسرائيليين حملهم على الهرب مرعوبين وترك مهاجعهم بحثا عن أماكن أمنة يكون محور المقاومة قد خط المسار إلى معادلات ردع متطورة وفرض قواعد اشتباك أكثر صرامة وقسوة على العدو ما يجعلنا نوجز نتائج هذا الصاروخ بالتالي:
1.اثبت صاروخ محيط ديمونا وهن إسرائيل في البنية الدفاعية وأكد وهن القبة الفولاذية وما شاكلها لديها.
2. أسقط الحصانة والمناعة التي كانت تظنها إسرائيل لمنشأتها النووية.
3.وسع دائرة تشكيل بنك الأهداف لدى محور المقاومة ولوح للمرة الأولى بإمكانية إدخال المنشاة النووية فيها.
4.طور معادلات الردع الاستراتيجي مع العدو، الذي يجد نفسه اليوم وبعد أن انتزعت منه ورقة قرار الهجوم والحرب الأمنة له، تنتزع منه اليوم ورقة الحرية بالقيام بأعمال التخريب والتحرش والإرهاب والأجرام ضد محور المقاومة.
5. منح الصاروخ وبطريق غير مباشرة نوعا من الحماية للمباحثات الدائرة حول الملف النووي الإيراني واشعر إسرائيل بان طيشها إذا عملت به ضد إيران لن يمر دون عقاب لا تحتمله.