"نسمع جعجعة ولا نرى طِحناً" حكمة قديمة قالها حكماء العرب، تنطبق على الأزمة الخليجية الحالية، إذ يتناول الإعلام العربي والدولي أحاديث مكرَّرة عن قرب إنهاء الحصار المفروض على دولة قطر، ولكن دون أن تقدم أي من دول الحصار الأربع مبادرات ملموسة على أرض الواقع. ومع ذلك فإن كل الاحتمالات واردة، في ظل المفاوضات الجارية بين الدوحة والرياض.
ويتردد الحديث عن إنهاء الأزمة يوماً بعد آخر، مع قرب انعقاد القمة الخليجية التي تستضيفها العاصمة السعودية الرياض في العاشر من ديسمبر الجاري، في حين لا يزال الحصار مفروضاً على قطر، وتُغلق الأجواء أمام طائراتها، وكذلك الحدود أمام تنقلات مواطنيها، كما لم تعلن الدول الأربع إنهاء مطالبها، بل تصر على القول إن "على الدوحة أموراً يجب أن تفعلها قبل الحل".
وتلقَّى أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الثلاثاء 3 ديسمبر 2019، دعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لحضور قمة الرياض، عن طريق عبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، ولكن لم يتضح بعدُ من يمثل الدوحة فيها.
وكانت آخر مشاركات قطر، في قمم مكة الثلاث (الخليجية والعربية والإسلامية)، في مايو الماضي، بمكة المكرمة، من خلال وفد رفيع المستوى، برئاسة الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية.
وتعدُّ مشاركة قطر بهذا التمثيل الدبلوماسي، الأرفعَ منذ الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين على الدوحة، في يونيو 2017، كما يعكس الدبلوماسية العالية التي تتمتع بها الدوحة، ومسؤوليتها الكبيرة عن حفظ الأمن الخليجي، خاصةً في ظل التوترات التي شهدتها المنطقة منذ الحصار.
وسبق هذه المشاركة، حضور قطري في أعمال الدورة الـ46 لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، والتي عُقدت في أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة في (فبراير الماضي)، عبر وفد ترأسه يوسف سلطان لرم، مدير إدارة المنظمات الدولية بوزارة الخارجية.
وخلال أعمال الدورة الـ46 أكدت قطر، على لسان ممثلها، أن الحوار دون شروط مسبقة هو الحل الأمثل للأزمة الخليجية.
الاحتمالات مفتوحة
وسبق القمة مؤشر يتيم على حل الأزمة الخليجية، وهو مشاركة منتخبات السعودية والإمارات والبحرين في بطولة كأس الخليج العربي (خليجي 24)، المقامة بقطر من يوم 26 نوفمبر حتى الثامن من ديسمبر 2019.
واعتبر نائب وزير الخارجية الكويتي، خالد الجار الله، أن مشاركة المنتخبات السعودية والإماراتية والبحرينية في بطولة كأس الخليج "مؤشر مهم على وجود تقدُّم نحو حل الأزمة بين الأشقاء".
وأوضح في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، أن "هناك خطوات أخرى ستعقب هذه الخطوة، تؤكد أننا نسير في الاتجاه الصحيح للوصول إلى النتائج الإيجابية".
هذا المؤشر شجَّعه حديث وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، خلال منتدى روما للحوار، الجمعة 6 ديسمبر، عن وجود مفاوضات مع الرياض لحل الأزمة.
وعلى الرغم من تأكيده أن الحديث لم يعد يدور حول المطالب الـ13 التعجيزية التي اشترطتها دول الحصار لإنهاء الأزمة، وأن شؤون قطر الداخلية "لن تكون محل تفاوض مع أي طرف"؛ فإن تصريحات وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية تقلل من التوقعات، بعد أن قال: إنه "تم توجيه الدعوة إلى أمير قطر لحضور قمة مجلس التعاون الخليجي المقررة استضافتها في الرياض، بيد أن تغيُّر الموقف مع قطر مرهون بخطوات منها"، على حد تعبيره.
وفي ظل هذه التصريحات الحذرة التي تسود المنطقة الخليجية، يرى أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة قطر ونائب رئيس مجلس إدارة المركز القطري للصحافة، الدكتور ماجد الأنصاري، أنه لا توجد أي مؤشرات على أن القمة الخليجية بالرياض ستكون مختلفة عن سابقتها، حيث إن الدعوة وصلت بالطريقة المعتادة نفسها، من خلال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، ولا توجد أي تصريحات من الطرفين عن شيء مختلف.
ويقول الأنصاري ": "يجري الحديث عن تهيئة الأجواء لمصالحة واتصالات بين قطر والسعودية من خلال الكويت، ولكن لا يوجد أي شيء على الأرض، وتبقى جميع الاحتمالات مفتوحة".
وعن التمثيل القطري في القمة الخليجية، يؤكد الأنصاري أن العادة جرت بأن ترتيب الحضور -إن لم يكن من خلال الأمير- يكون من خلال رئيس مجلس الوزراء، أو وزير الخارجية أو شخص ممثل من الحكومة أو وزير الدولة لشؤون الخارجية أو أحد السفراء أو المسؤولين القطريين.
وعما يجب أن يتوافر لكي يحضر أمير قطر شخصياً إلى القمة، يربط أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة قطر ذلك برفع إجراءات الحصار عن قطر، ووجود ضمانة دولية، وتوقُّف الحملات التي تستهدف قطر.